162

Al-Tuḥfa al-Nadiyya sharḥ al-ʿAqīda al-Wāsiṭiyya

التحفة الندية شرح العقيدة الواسطية

Publisher

مركز النخب العلمية-القصيم

Edition Number

الثانية

Publication Year

١٤٣٧ هـ - ٢٠١٦ م.

Publisher Location

بريدة

Genres

وَلَيْسَ مَعْنَى قَوْلِهِ: ﴿وَهُوَ مَعَكُمْ﴾ أَنَّهُ مُخْتَلِطٌ بِالخَلْقِ؛ فَإِنَّ هَذَا لَا تُوجِبُهُ اللُّغَةُ، وَهُوَ خِلَافُ مَا أَجْمَعَ عَلَيْهِ سَلَفُ الْأُمَّةِ، وَخِلَافُ مَا فَطَرَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْخَلْقَ.
بَلِ الْقَمَرُ آيَةٌ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ مِنْ أَصْغَرِ مَخْلُوقَاتِهِ، وَهُوَ مَوْضُوعٌ فِي السَّمَاءِ، وَهُوَ مَعَ المسَافِرِ وَغَيْرِ المسَافِرِ أَيْنَمَا كَانَ.
وَهُوَ سُبْحَانَهُ فَوْقَ عَرْشِهِ، رَقِيبٌ عَلَى خَلْقِهِ، مُهَيْمِنٌ عَلَيْهِمْ، مُطَّلِعٌ عَلَيْهِمْ؛ إِلَى غَيْرِ ذَلِكَ مِنْ مَعَانِي رُبُوبِيَّتِهِ.
وَكُلُّ هَذَا الْكَلَامِ الَّذِي ذَكَرَهُ الله -مِنْ أَنَّهُ فَوْقَ الْعَرْشِ، وَأَنَّهُ مَعَنَا- حَقٌّ عَلَى حَقِيقَتِهِ، لَا يَحْتَاجُ إِلَى تَحْرِيفٍ، وَلَكِنْ يُصَانُ عَنِ الظُّنُونِ الْكَاذِبَةِ؛ مِثْلِ أَنْ يُظَنَّ أَنَّ ظَاهِرَ قَوْلِهِ: (فِي السَّمَاءِ)؛ أَنَّ السَّمَاءَ تُظِلُّهُ أَوْ تُقِلُّهُ، وَهَذَا بَاطِلٌ بِإِجْمَاعِ أَهْلِ الْعِلْمِ وَالْإِيمَانِ؛ فَإِنَّ اللَّهَ قَدْ ﴿وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ﴾ [البقرة:٢٥٥]، وَهُوَ ﴿يُمْسِكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ أَنْ تَزُولَا﴾ [فاطر:٤١]، ﴿وَيُمْسِكُ السَّمَاءَ أَنْ تَقَعَ عَلَى الْأَرْضِ إِلَّا بِإِذْنِهِ﴾ [الحج:٦٥]، ﴿وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ تَقُومَ السَّمَاءُ وَالْأَرْضُ بِأَمْرِهِ﴾ [الروم:٢٥].

الشرح
الكاذبة)؛ كظنِّ أن السماء تُظله أو تُقله؛ تعالى الله عن هذا الظن علوًّا كبيرًا، فهو ليس بحاجة إلى شيء من ذلك؛ فهو الغني، والخلق كلهم فقراءُ إليه.
قوله: «وَقَدْ دَخَلَ فِي ذَلِكَ الْإِيمَانُ بِأَنَّهُ قَرِيبٌ مُجِيبٌ ...» إلخ؛ أي يدخل في الإيمانِ بالله الإيمانُ بأنه قريب مجيب، كما قد جمع الله بين ذلك في آية البقرة، وفي السنة أحاديثُ كثيرة في هذا الباب، وإنما ذكر ذلك المُصَنِّف ﵀ لدفع توهم معارضتها للعلو، وبيَّن أن إثبات صفة القرب لا ينافي صفةَ

1 / 167